التاريخ: 3 أيار 2006
العنوان: رسالة جلالة الملك إلى أمين عمان حول إعداد مشروع تخطيط جاد وشامل لمدينة عمان
بسم الله الرحمن الرحيم
عطوفة المهندس عمر المعاني الأكرم
أمين عمان
تحية طيبة وبعد
فيسرنا أن نبعث إليك والى الفريق المميز الذي يعمل الى جانبك في أمانة عمان الكبرى بأطيب تحياتنا وخالص تمنياتنا بالتوفيق مؤكدين تقديرنا الكبير لما يبذله العاملون في أمانة عمان من جهد حثيث وما يبدونه من انضباط وتفان وإخلاص من اجل النهوض بعاصمتنا الحبيبة عمان وصون معالمها والحفاظ على صورتها التراثية المشرقة.
لقد شهدت عمان في السنوات الأخيرة كما يتضح للجميع نموا وتوسعا عمرانيا كبيرا وكان هذا نتاج طبيعي للجهود الدؤوبة والسياسات المكثفة التي ساهمت في جذب الاستثمار واستفادت من النهضة الاقتصادية الإقليمية كما كانت نتاج الموقع الاستراتيجي والأمن والاستقرار السياسي الذي يتمتع به الأردن الغالي إضافة الى تميز الكوادر العاملة المؤهلة ذات المهارة العالية والبيئة المضيافة وتجليات الجمال الطبيعي التي حظيت بها مدينتنا العزيزة على مدى الأيام.
ومن الأهمية بمكان أن نواصل جميعا بذل أقصى الجهد كي نضمن أن تستمر مدينتنا العزيزة كموقع ومركز جاذب للمشروعات التنموية الريادية وان تظل أرضا خصبة تتجذر فيها الأفكار الإبداعية وتزدهر كما يتعين علينا أن نعمل على أن تحافظ عمان العرب وعاصمة الوفاق والاتفاق على عراقتها مدينة تحتضن المبدعين والمثقفين وتتغنى بالتنوع الفكري وبتعدد منابت سكانها الذي يمنحها قوة وازدهارا ويعزز مكانتها المتميزة باعتبارها موقعا جذابا للعيش والعمل والسياحة.
إن التحدي الأساسي الذي يواجهنا هو إيجاد التوازن الدقيق الذي يشجع النمو والتنمية والتحديث لمدينتنا من جهة مع الحفاظ على الجماليات والثقافة والتقاليد والأجواء الساحرة التي تميزها وتجعلها مختلفة عما عداها من جهة أخرى..ومع استمرار جهودنا الرامية الى ضمان تدفق الاستثمار وتواصل مسيرة النمو والتقدم في بلدنا, يتوجب علينا أن نضمن أن لا يؤدي هذا الإضرار بنوعية الحياة لشعبنا بل أن يعمل على تحسينها وان تستمر عمان في احتضان أسرها شبانا وشيبا وان تضمن إيجاد مناخ نظيف آمن هادئ يظلله السلام ويتمكن فيه قاطنوها من العيش والعمل وممارسة تقاليدهم الاجتماعية.
ومن اجل الوصول الى أقصى حد من التوازن بين النمو السليم والحياة النوعية وبين التوسع المزدهر والمناطق المنظمة بين وسائل الراحة التي وفرها القرن الحادي والعشرون وبين ميزات الشخصية التقليدية علينا أن ننهض لإعداد مشروع تخطيط مدن جاد شامل لمدينة عمان.
وسيساعد هذا المشروع على التعرف على الفرص التي تتيحها مدينتنا والمحددات التي تفرضها أيضا كما سيعمل على تعزيز نظرة الاحترام لسماتها وتقاليدها العزيزة التي تراعي حاجات سكانها في الوقت الذي يستشرف فيه آفاق نموها المستقبلي بأساليب مدروسة ومخطط لها بصورة جيدة.
وسيضمن المشروع كذلك أن يكون احترام بيئتنا وطبيعتنا عنصرا أصيلا في كل ما نعمل وان يتم تخطيط أراضينا وفق مخطط رئيس شامل واضح يحظى بما يستحقه من دراسة وان يتم ترخيص المشروعات بعد أن تستوفي بصورة جلية المواصفات العالية التي تلامس ارض الواقع وان يتم تخصيص الأراضي وفق معايير شفافة محددة بدقة وان تحظى المدينة بمجملها ببني تحتية تستفيد من أرقى ما وصلت إليه احدث وسائل التكنولوجيا.
ولتنفيذ ذلك فإننا نعهد إليك البدء بتشكيل فريق يباشر العمل في هذا المجهود البالغ الأهمية مؤكدا على أن تكون الكفاءة المهنية والخبرة العملية هما المعيار الوحيد الذي يستند إليه اختياركم لأعضاء هذا الفريق كما أود أن تدعو خبراء من مختلف أنحاء العالم للإسهام في هذا الجهد ذلك أن التشارك في النجاحات والإخفاقات التي شهدوها في مدن أخرى يمكن أن يكون بالغ القيمة بالنسبة لنا.
وإننا وأبناء شعبنا إذ نتطلع الى رؤية هذا الجهد يخرج الى حيز الوجود واقعا ملموسا في اقرب فرصة ممكنة ومع إدراكنا بان أمانة عمان الكبرى ستقودنا الى طريق الاهتمام بعاصمتنا العزيزة ورعايتها فان متابعة هذه المسيرة بمحبة تظل مسؤولية كل مواطن وعلينا جميعا أن نقف معكم وندعمكم للعناية بمدينتنا العزيزة ورعايتها.
وإننا إذ نؤكد على أهمية المضي قدما في الخطط والمشروعات والبرامج التي باشرت بتنفيذها أمانة عمان في الفترة الماضية والحرص على عدم توقفها الى حين الانتهاء من انجاز هذا المخطط الشامل لنأمل أن يفضي هذا الجهد الى توفير مخطط وأنموذج يمكن احتذاؤهما وتطويرهما في المدن الحبيبة الأخرى في الأردن الغالي كي يستمر بلدنا في النمو والازدهار ويغدو أنموذجا يحتذى من قبل الآخرين في المنطقة والعالم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبدالله الثاني ابن الحسين
عمان، 3 أيار 2006 م
الموافق للخامس من ربيع الثاني 1424 للهجرة