التاريخ: 27 آذار 2007
العنوان: رسالة جلالة الملك إلى صحيفة الدستور بمناسبة مرور اربعين سنة على صدورها
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة أسرة صحيفة الدستور الكرام،
تحيّة طيّبة وبعد،،،
فيسّرنا وأنتم تحتفلون بالذكرى الأربعين لتأسيس صحيفة الدستور الغرّاء، أن نعرب لكم عن أجمل التهاني بهذه المناسبة التي تؤرخ لمسيرة حافلة بالعطاء لإحدى مؤسساتنا الصحفيّة العريقة الملتزمة برسالة الصحافة ودورها في خدمة الوطن على مدار العقود الأربعة الماضية، والتي نتمنى لها وللقائمين عليها والعاملين فيها دوام التقدم واستمرار النجاح.
واليوم، وفي هذه المناسبة التي تدلل على المكانة البارزة التي وصل إليها الإعلام الأردني وتراكم خبراته وتقدّمه نذكّر بضرورة أن تستمر وتحافظ مؤسساتنا الإعلامية على نهجها الوطني دون تضارب أو تعارض مع قواعد المهنة وأخلاقيّاتها. فالإعلام الأردني الذي نريد هو إعلام وطني حرّ ومسؤول لا رقيب عليه إلا أخلاق المهنة وأدبياتها. وهو إعلام يضع نصب عينيه مصلحة الأردن والأردنيين ويتوخّى تحقيقها عبر الكشف عن الحقيقة، وتوفير الحجة والبرهان.
وقد كثر الحديث مؤخراً عن الصحافة والإعلام وحريّاتهما، وقد عبرنا في أكثر من مقام وأكدنا على اهتمامنا وحرصنا على صيانة هذه الحريّات ورفع سقفها لأنها القادرة بإذن الله تعالى على أن تكون عين الأردنيين على الحقيقة، وملاذاً، ومنبراً نزيهاً للحوار والنقاش. ولا يستقيم أن تكون صحافتنا ومؤسساتنا الإعلامية إلا حرّة ومسؤولة إذا ما تمنينا لها هذا الدور وكللّناها بهذه المسؤوليّة، ولكن الحرية التي نريد هي التي تأخذ مصلحة الأردن أولا ودائما قبل أي مصلحة أخرى.
وندعوكم في هذه المناسبة إلى الاستمرار في مساعيكم الصحفية الرّامية لنقل همّ المواطن الأردني وتطلعاته وآماله. وينبني على هذا الالتزام المهني والأخلاقي التزام خاصّ يتمثّل بالالتفات بعناية وبحرص لقطاع شبابنا الأردني الواعد، بهدف عرض المشاكل التي تواجهه ومناقشتها وطنياً وعلنياً لترسيخ ثقافة شبابية جديدة تجسّد أفضل القيم الأردنيّة.
والنجاح بالوصول إلى الشباب الأردني هو نجاح في توجيه الصحافة الأردنية نحو فئة تشكّل غالبية شعبنا الوفي، وهي اليوم في أمّس الحاجة للتواصل مع الصحافة والإفادة من إمكاناتها. فالصحافة الوطنية والمسؤولة تستطيع أن تكون منبراً حراً ومسؤولاً للتعبير عن طموحات الشباب وهمومهم وتوجهاتهم المستقبليّة، كما يمكن أن توفّر وسيلة لنشر أفكارهم، والتعبير عن مواقفهم بجرأة وبصراحة وشفافيّة دون قيود أو معوّقات، لصنع حراك إعلامي شبابي تحرص على رعايته مؤسساتنا الإعلامية الوطنيّة. ونحن على ثقة أن "الدستور"، وزميلاتها الصحف الأخرى، ستكون على قدر مسؤولية رعاية الشباب الأردني والالتفات إلى همومه وتناول قضاياه.
الأخوة في العزيزة "الدستور"... لقد جسّدتم في عنوانكم كما في مسيرتكم مثالاً على الصحافة الوطنية، فحملتم عنواناً عزيزاً على قلوب الأردنيين وعقولهم هو دستورنا الذي به نعتز وله نرجع ونحتكم. واليوم نتطلع أن تكون بوصلة صحيفة الدستور وباقي مؤسساتنا ومنابرنا الإعلاميّة دائماً باتجاه مصلحة الأردن وخيره، وأن تقدموا مصالحنا الوطنية على كافّة الاعتبارات والمصالح بمسؤولية ومهنية وموضوعية. وأن تكون مؤسساتنا الإعلامية كما عهدناها ترس الوطن ورمحه. فامضوا بمسؤولية وطنية في مشواركم الإعلامي راشدين ووفقكم الله وأنار دربكم وسدد أقلامكم في سبيل الحق والدفاع عن الأردن وشعبه ومؤسساته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
عمّان في 8 ربيع الأول سنة 1428 هجريّة
الموافق 27 آذار سنة 2007 ميلاديّة
عبد الله الثاني ابن الحسين